وهذا الأمر وإن لم يتم في ذلك الزمان سياسةً (وتمَّ بعد ذلك بقرون)، إلا أن علماء المسلمين لم يغفلوا هذا الجانب حقَّه مِن البحث والنظر، ولم يقتصر ذلك على مَن كتب في الحساب والجبر فقط، بل وتعداهم إلى فقهاء الشريعة وعلمائها فعُنوا بالفروق بين الأرطال ومقاييسها؛ فنرى العديدَ منهم يتحدث عن هذا الموضوع في الكتب الفقهية، أو كتب السياسة الشرعية، أو في كتب الكُتَّاب وأصحاب الخراج، بل وفي الرحلات أيضاً؛ فيذكر الأستاذ أحمد فارس الشدياق عندما زار بريطانيا سنة ١٨٤٨ م مقدار الرطل الإنجليزي وأنه يعادل نحو ١٥٠ درهماً (١)، وهذا منه استناناً بالأوائل فكتاب المقدسي حفظ لنا الكثير من هذه المقاييس حتى عُدَّ مرجعاً مهماً لكثيرٍ ممن كتب في هذا الموضوع.
(١) كشف المخبا عن تمدن أوربا، أحمد فارس الشدياق ص ٩١.