تكون (علم) بمعنى عرف و (رأى) بمعنى (أبصر) فيتعدى كل منهما إلى مفعول واحد، ثم تدخل عليهما همزة النقل، فيتعديان بها إلى مفعولين، الثاني منهما كثاني المفعولين من نحو:(كسوت زيدًا جبةً) في أنه غير الأول في المعنى، وأنه يجوز الاقتصار عليه، وعلى الأول، تقول:(أعلمت أخاك الخبر)، و (أريت عبد الله الهلال): فالخبر غير الأخ، والهلال غير عبد الله، كما أن الجبة غير زيد، ولك أن تقتصر على المفعول الثاني نحو: أعلمت الخبر، وأريت الهلال، ولك أن تقتصر على المفعول الأول، نحو: أعلمت أخاك، وأريت عبد الله، كما يجوز مثل ذلك في كسوت، ونحوه.
٢٢٤ - وكأرى السابق نبا أخبرا ... حدث أنبأ كذاك خبرا
الأصل في (نبأ، وأنبأ، وأخبر، وخبر، وحدث) تعديتها إلى مفعول واحد بأنفسها، وإلى آخر بحرف جر، نحو: أنبأت زيدًا بكذا، وأخبرته بالأمر، وقد يتعدى إلى اثنين بإسقاط الجار، كقوله تعالى:(قالت من أنبأك هذا)[التحريم /٣] وقد يتضمن معنى (أرى) المتعدي إلى ثلاثة مفاعيل، فتعمل عمله، نحو: نبأ الله زيدًا عمرًا فاضلا، وخبرت زيدًا أخاك كريمًا، وحدثت عبد الله بكرًا جالسًا. ولم يثبت ذلك سيبويه إلا لـ (نبأ).
ومن تعديته إلى ثلاثة مفاعيل قول النابغة الذبياني:[من الكامل]
فـ (التاء) مفعول أول قائم مقام الفاعل، و (زرعة) مفعول ثان، و (السفاهة [٨٢] كاسمها) اعتراض // و (يهدي) مفعول ثالث، وجاز كونه جملة، لأنه خبر مبتدأ في الأصل، وألحق أبو علي بـ (نبأ)(أنبأ). وألحق بهما السيرافي (خبر، وأخبر، وحدث). ومن شواهد ذلك قول الشاعر: أنشده ابن خروف [من المتقارب]
٢٠١ - وأنبئت قيسًا ولم أبله ... كما زعموا خير أهل اليمن