للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فتأتي بالمصدر المؤول لتتمكن من أن تستعمل معه النفي، وأن تعمل فيه الفعل الذي تتعجب به.

وتقول في التعجب من خضر وعور: ما أشد خضرته! وأشدد بخضرته! وما أقبح عوره! وأقبح بعوره! ومن نحو: ضرب زيدً؟ ما أشد ما ضرب! وأشدد بما ضرب! فتولي (أشد وأشدد) المصدر المؤول، ليبقي لفظ الفعل المبني للمفعول، ولو أمن اللبس جاز إيلاؤه المصدر الصريح، نحو: ما أسرع نفاس هند! وأسرع بنفاسها!

٤٨٢ - وبالنذور احكم لغير ما ذكر ... ولا تقس على الذي منه أثر

الإشارة بهذا البيت: إلى أنه قد يبني فعل التعجب مما لم يستوف الشروط على وجه الشذوذ والندور، فيحفظ ما سمع من ذلك، ولا يقاس عليه. فمن ذلك قولهم: ما أخصره! من (اختصر)، فاختصر فعل خماسي مبني للمفعول، ففيه مانعان: أحدهما أنه مبني للمفعول، وثانيهما أنه زائد على ثلاثة أحرف.

ومنه قولهم: (ما أهوجه!) و (ما أحمقه!) و (ما أرعنه!) وهي من فعل فهو أفعل، كأنهم حملوها على (ما أجهله). ومنه قولهم: (ما أعساه!) و (أعس به!) فهو من (عسى) الذي للمقاربة وهو غير متصرف.

ومما هو شاذ أيضًا بناؤهم التعجب من وصف لا فعل له، كقولهم: (ما أذرعها!) أي: ما أخف يدها في الغزل، يقال امرأة ذراع، أي: خفيفة اليد في الغزل، ولم يسمع له فعل. ومثله قولهم: (أقمن بكذا!) أي: أحقق به، اشتقوه من قولهم: هو قمن بكذا، أي: حقيق به، ولا فعل له.

٤٨٣ - وفعل هذا الباب لن يقدما ... معموله ووصله به الزما

٤٨٤ - وفصله بظرفٍ أو بحرف جر ... مستعمل والخلف في ذاك استقر

لا خلاف في امتناع تقديم معمول فعل التعجب عليه، ولا في امتناع الفصل بينه وبين المتعجب منه بغير الظرف، والجار والمجرور، كالحال والمنادى.

وأما الفصل بالظرف، والجار والمجرور ففيه خلاف مشهور، والصحيح الجواز، وليس لسيبويه فيه نص.

قال الأستاذ أبو علي الشلوبين: حكي الصيمري: أن مذهب سيبويه منع الفصل [١٨١] بالظرف بين فعل // التعجب ومعموله. والصواب: أن ذلك جائز، وهو المشهور والمتصور.

<<  <   >  >>