للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٥٤٦ - واخصص بفاءٍ عطف ما ليس صله ... على الذي استقر (؟؟) الصله

الفاء للترتيب، وهو على ضربين: ترتيب في المعنى، وترتيب في الذكر. والمراد بالترتيب في المعنى: أن يكون المعطوف بها لاحقًا، متصلا، بلا مهلة، كقوله تعالى: (خلقك فسواك) [الانفطار /٧]. والأكثر كون المعطوف بها متسببًا عما قبله، كقولك: أملته فمال، وأقمته فقام، وعطفته فانعطف.

وأما الترتيب في الذكر فنوعان:

أحدهما: عطف مفصل على مجمل، هو هو في المعنى، كقولك: توضأ فغسل وجهه ويديه ومسح رأسه ورجليه، ومنه قوله تعالى: (ونادى نوح ربه فقال رب إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين) [هود /٤٥].

الثاني: عطف لمجرد المشاركة في الحكم بحيث يحسن بالواو، كقول امرئ القيس: [من الطويل]

٤٨٢ - قفا نبك من ذكرى حبيبٍ ومنزل ... بسقط اللوى بين الدخول فحومل

وتختص الفاء بعطف ما لا يصلح كونه صلة على ما هو صلة، كقولك: الذي يطير فيغضب زيد الذباب، فلو جعلت موضع الفاء واوًا، أو غيرها فقلت: الذي يطير، ويغضب زيد أو ثم يغضب زيد الذباب لم تجز المسألة، لأن يغضب زيد جملة لا عائد فيها على (الذي) فلا يصح أن تعطف على الصلة، لأن شرط ما عطف على الصلة أن يصلح وقوعه صلة.

فإن كان العطف بالفاء لم يشترط ذلك، لأنها تجعل ما بعدها، مع ما قبلها في حكم جملة واحدة لإشعارها بالسببية، فكأنك قلت: الذي أن يطير يغضب زيد الذباب.

وأما (ثم) فللترتيب في المعنى بانفصال، أي: يكون المعطوف بها لاحقًا للمعطوف عليه في حكمه، متراخيًا عنه بالزمان، كقوله تعالى: (وعصى آدم ربه فغوى * ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى) [طه /١٢١ - ١٢٢].

<<  <   >  >>