للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الأستاذ مصطفى حجازي. وقد نشر الكتاب معهد المخطوطات العربية في الكويت سنة ١٤٠٧ هـ. فقد رأى الدكتور أحمد في بعض حواشي نسخته كلامًا لأحد العلماء جاء فيه: "في الجمهرة لابن دريد، ونقلت من خط أبي علي القالي" فتذكر ما قرأه في المزهر، فقال: "ومما تجدر الإشارة إليه هنا أن أذكر أن النسخة التي كانت أمامه من الجمهرة كانت نسخة المؤلف، وعليها خط أبي علي القالي ... ومن الطريف أن هذه النسخة هي النسخة نفسها التي باعها أبو علي القالي - حين اشتدت الحاجة به - بأربعين مثقالًا، وكتب عليها الأبيات، وتمام الخبر في المزهر للسيوطي". مع أن كلام المحشي لا يدلّ على أن نسخته من الجمهرة كانت نسخة المؤلف، ولكن غلبت عليه حكاية المزهر: "كان لأبي علي القالي نسخة من الجمهرة بخط مؤلفها" وهو غلط آخر في هذه الحكاية، فلم يرو أن ابن دريد كتب نسخة من الكتاب بخطه، وإنما أملاه إملاء من حفظه، كما قال نفسه: "وإنما أملينا هذا الكتاب ارتجالًا لا عن نسخة ولا تخليد في كتاب قبله، فمن نظر فيه فليخاصم نفسه بذلك، فيعذر إن كان فيه تقصير أو تكرير إن شاء الله" (ط بعلبكي ص ١٠٨٥)، وقال في آخر الكتاب: "فإن كنا أغفلنا من ذلك شيئًا لم ينكر علينا إغفاله لأنا أملينا حفظًا، والشذوذ مع الإملاء لا يدفع" (ص ١٣٣٩).

وإنما سقت ذلك كله ليعلم الدكتور عبد الكريم بن صنيتان العمري أنه في اعتماده على كتاب الزهر لم يكن بأول سارٍ غرّه القمر. وقد دفعني إلى التنبيه على الغلط الواقع فيه أن القصة مؤثرة، والأبيات رائقة، والملحق سيار، والكاتب أستاذ، والمزهر كتاب مشهور، والموقف نفسه يحصل كثيرًا في حياة العلماء والأدباء، فيذكّرهم قصة الفالي الذي باع في آخر حياته في بغداد نسخته من جمهرة اللغة فرارًا من فقره وإضاقته، فيتمثلون بأبياته المحزنة التي ضمنها بيتًا قديمًا قاله - أو تمثّل به - أعرابي دفعته فاقته إلى بيع ناقته. فكم من عالم ومحقق في بغداد نفسها بلغنا في السنوات الماضية أنه اضطر في مخصمته إلى

<<  <   >  >>