للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ولعلّه نظر إلى ما روي عن قتادة وغيره أنّه قال في تفسير الآية: غار ماؤها فذهب (١). ولكن الكلمة الأردية التي فسّر بها الشيخ نذير أحمد تعني أنّ تلك البحار سوِّيت فذهب عمقها وصار سطحها مساويًا لسطح الأرض، وذلك لم يقل به أحد.

هذا واختار الطبري في تأويل الآية قول من قال إن "معنى ذلك: ملئت حتى فاضت، وانفجرت وسالت"، كما وصفها الله به في الموضع الآخر، فقال: {وإذا البحار فجرت} ... " (٢).وهو الأقرب إلى استعمال (سجر) في كلام العرب، وهو الذي اختاره التفسير الميّسر الذي أصدره المجمع (٣).

(٤) الظنّ

كلمة (الظنّ) في العربية تستعمل أحيانًا بمعنى اليقين، قال ابن قتيبة: " ... لأن في الظن طرفًا من اليقين" (٤). وقد أحسن الفراهي في كتابه مفردات القرآن في بيان السرّ في ذلك فقال: "الظن ما يرى المرء من غير مشاهدة. لكون غير المشهود ربّما لا يوقن به تضمن الظنّ معنى الشك. وبهذا المعنى كثر في كلام العرب والقرآن ... ولكن الرأي في غير المشهود ربّما يكون يقينًا، ويطلق الظنّ عليه بالمعنى الأعمّ من غير تضمّنه الشط" (٥).

وقد جاء (الظن) بمعنى اليقين في آيات كثيرة منها:

قوله تعالى: {حتَّى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لَّا ملجأ من الله إلَّا إليّه} (التوبة: ١١٨).


(١) تفسير الطبري: ٣٠: ٦٨.
(٢) المصدر السابق: ٣٠: ٦٨ - ٦٩.
(٣) التفسير الميسّر: ٥٨٦.
(٤) تأويل مشكل القرآن: ١٨٧ وأنظر الأضداد: ٩، ١٤.
(٥) مفردات القرآن: ٥٥. (ط. جار الغرب الإسلامي: ٢٩٦).

<<  <   >  >>