أرشليم، وقرّب عليه إسحاق عليه السلام كان في غطاء كثيف عن حقيقة هذه البعثة العظمى وحقيقة هذا الذبح ومكانته في ملّتنا".
والأمر الثاني: "أن في القرآن آيات كثيرة يتوقّف فهم تأويلها ونظامها على معرفة هذه المسألة وما يتعلّق بهذا الذبح ... واستيفاء البيان في كتابنا "نظام القرآن" تحت كل آية تشتمل على ذلك الأمر، يفضي إلى تكرار وإطناب. فأفردت له كتابنا هذا، وجعلناه من مقدمّة تفسيرنا، لكي نحوّل إليه عند الحاجة".
والأمر الثالث: "أنّ اليهود لم يبالغوا في كتمان أمر مثل مبالغتهم في ذلك. فإنّهم قد ارتكبوا تحريفات وأكاذيب صريحة في أمر إسماعيل والكعبة ... وقد بيّن الله قصة هذا الذبح في التوراة ولكن اليهود قد دسّوا فيها أهواءهم فأصلحها القرآن ... ومع أنّ الناقدين من علماء المسلمين من أهل العلم والنظر - كما ستعلم - قد استدلّوا بنصوص التوراة أنفسها على كون إسماعيل عليه السلام هو الذبيح، فإن اختلاف كلمتنا جعل هذا الأمر العظيم من الأمور التي لا يعتدّ بها، بل عدم اعتدادهم به أمكن اختلافهم فيه، فإنّهم لو علموا ما لهذا الذبح من المكانة في ملّتنا لتحذّروا عن الغفلة في أمره. فلهذه الأمور الثلاثة التي كلّها على غاية الأهمية احتجنا إلى كشف القناع عن هذه المسألة".
وبعد هذه المقدّمة يشتمل الكتاب على ثلاثة أبواب وخاتمة. الباب الأوّل في الاستدلال بالتوراة وما اعترف به علماء أهل الكتاب. والباب الثاني في الاستدلال بالقرآن المجيد وحده. والباب الثالث فيما روي من الآثار وأقوال السلف وآراء المفسّرين والاستدلال بأحوال العرب وأقوالهم قبل الإسلام.
وقدّم الاستدلال بالتوراة لأنّه أراد إقامة الحجّة على أهل الكتاب من كتابهم. وبدأ هذا الباب بفصلين تمهيدًا لاستدلاله من التوراة: الفصل الأول في معارف تتعلّق بشريعة القربان وبالوحي الذي يكون في الرؤيا وهي عشرة أمور. والفصل الثاني في ذكر أصول ومبادئ للنظر في صحف اليهود. ثمّ جاء بثلاثة