كان معسكرًا للمديانيين. ولا شكّ أنّ المديانيين هم العرب. واسم مديان يطلق عليهم وعلى أرضهم. وقد جاء التصريح في صحفهم بأنّ مديان هم الإسماعيليون".
ثمّ أورد نصوصًا من التوراة وقال: "فبعد ذلك أيّ شيء يبقى من دعواهم بأنّه على جبل أورشليم؟ أم أي شيء يدفع ما لم يزل الإسماعيليون يعرفونه بالمروة؟ وكانت عندهم أشهر من نار على علم، وكانوا يطوفون بها في حجّهم. وحين خاطبهم القرآن في أمر الطواف لم يحتج إلى تعريفها، ولكن بيّن أنّها من شعائر الله. وهناك أشار إلى تحريف أهل الكتاب في أمرها وسوء صنيعهم فيما يكتمون من آيات الله من بعد ما بينّها الله تعالى في كتابهم".
فيرى المؤلف رحمه الله تعالى أن في قوله تعالى في سورة البقرة (١٥٩){إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بينه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون} بعد قوله تعالى (١٥٨){إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ومن تطوع خيرًا فإن الله شاكر عليم} تلميحًا إلى ما حرفت اليهود في اسم المروة ورسمها وموضعها لحسدهم إسماعيل وذريته، فردّ الله عليهم بإشارة لطيفة. وتفصيل ذلك في الفصل الثاني والثلاثين.
ولخّص في آخر الفصل قصّة الذبح فقال: "فتطابق الأمور يدلّ على أنّ إبراهيم عليه السلام جاء من جهة الشرق، وترك غلاميه على جبل قريب، وذهب بابنه الوحيد إسماعيل إلى المروة ساعيًا وملبّيًا لدعوة الرب. وكان مسكن إبراهيم عليه السلام إلى جانب الصفا كما جاء في سفر التكوين (١٢: ١ - ٨) حيث جاء ذكر رحلته إلى أرض موره في رواية أخرى لقصّة الذبح. ولكنّهم أسقطوا منها ذكر هذا الذبح، واكتفوا بذكر رحلته، فلم تزل الصفا والمروة في بني إسماعيل قائمتين من لدن إبراهيم عليه السلام إلى يومنا هذا مع الاسم والرسم والمناسك الدالّة على تلبية إبراهيم للرب وسعيه لإتمام أمره. وليس