للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

لليهود والنصارى شيء من هذه المناسك .. ".

وقد أعان المؤلّف رحمه الله على القيام بهذا التحقيق العلمي الرائع مدارسته لكتب اليهود والنصارى، ومعرفته للغة العبرانية، واطلاعه على الدراسات الحديثة التي قامت على العهدين القديم والجديد.

أمّا الباب الثاني الذي هو في وجوه الاستدلال المأخوذة من القرآن الكريم وحده، فبدأه المؤلّف رحمه الله كالباب السابق بذكر أصول ومبادئ للتدبّر في قصص القرآن وحججه. وهي أمور مهمّة لفهم منهج القرآن الكريم في إيراد القصص والاحتجاج في المعقول والمنقول. والوجوه التي استدلّ بها المؤلّف في هذا الباب جلّها منثور في كتب السابقين ولكنّها جاءت في هذا الكتاب على أحسن وجه في التحرير والتلخيص والتشييد.

ومن عجيب ما استدلّ به المؤلّف رحمه الله في هذا الباب عدم تسمية الذبيح في القرآن الكريم. فقد جعل ذلك حجّة على كون إسماعيل هو الذبيح، فقال: "ليس لقائل أن يقول: إن كان إسماعيل عليه السلام هو الذبيح فلم لم يصرح القرآن به؟ فإنّ هذا السؤال عائد عليه في أمر إسحاق عليه السلام على سواء، مع أنّه لم يكن مانع لذكره، وأمّا إسماعيل عليه السلام فلعدم التصريح باسمه وجوه من الحكمة".

ثمّ فصّل القول في هذه الوجوه، وهي أربعة أوّلها: "أنّه من عادة القرآن الصفح والإعراض عن اللجاج الذي لا ينفصم لكيلا يشتغل الخصم به، ويترك ما يلقى إليه من الحجّة الدامغة. وقد أدخلت اليهود اسم إسحاق عليه السلام في قصّة الذبح، فلو صرح القرآن بخلاف ذلك لتمسكوا بما في كتبهم، وجادلوا بباطلهم، وأنكروا بما جاء به النبي لخلافه الصريح بما عندهم. فالقرآن يلزمهم ما كان موجودًا في صحفهم أو كان ظاهرًا بيّنًا عند العقل لكيلا يترك لهم متمسّكًا وعذرًا، وقد أشار إلى ذلك في غير ما آية تارة يخاطب النبي ويأمره بالصفح

<<  <   >  >>