للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

عنهم، وتارة يخاطب المسلمين بترك جدالهم إلاّ بحسن القول، وتارة يخاطب أهل الكتاب ويدعوهم إلى مسلماتهم".

ثمّ أورد أمثلة على ذلك وقال: "وبالجملة فإنّ القرآن قد اجتنب مجادلتهم فيما تمسّكوا بظاهر الكتاب، وفي ذلك حكمة بيّنة لعدم التصريح باسم الذبيح، فلو كان هو إسحاق عليه السلام لم يكن مانع من تسميته ههنا".

ومن أروع فصول هذا الباب الفصلان الأخيران اللذان استدلّ فيهما المؤلّف رحمه الله بما صرّح به القرآن من أحوال إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، وما جاء في القرآن على سبيل إبطال ما افترت اليهود في أمر إسماعيل عليه السلام، وكلاهما من جوامع الأدلّة. وسترى فيهما كلامًا بديعًا في تفسير معاني الآيات وحسن نظامها ومحكم ترتيبها وبعيد مراميها ولطيف أسلوبها.

وختم المؤلّف رحمه الله هذا الباب بقوله: "ولو فصلناها - يعني الأدلّة - لصارت أكثر عددًا ولكنّا اخترنا الثلاثة عشر كما اخترنا في القسط الأوّل رعاية لسني عمر إسماعيل عليه السلام حين قدّمه الخليل عليه السلام قربانًا لربّه".

أمّا الباب الثالث الأخير من هذا الكتاب فأورد فيه المؤلّف أوّلًا ما روي عن الصحابة والتابعين والسلف والأقدمين في هذه المسألة، ثمّ ذكر ما قاله ابن جرير رحمه الله وهو القائل بأنّ الذبيح إسحاق عليه السلام، وردّ على احتجاجه. ثمّ ذكر في فصل مستقلّ ما قاله الرازي (٦٠٦ هـ) في تفسيره تبعًا للزمخشري (ت ٥٣٨ هـ)، ونبّه على بعض مواضع الوهم في كلامهما. ولخّص في فصل تالٍ كلام ابن كثير من تفسيره وقال: "لا يخفى أنّ ابن كثير رحمه الله أتى بأكثر الأدلّة الظاهرة. ولم نجد في المتأخّرين من زاد عليها، فلا حاجة إلى استقصاء أقوالهم، ولكن نذكر في الفصل التالي من أقوال المشهورين منهم ما يكفي للدلالة على مذاهبهم في هذه المسألة". فذكر أقوال البغوي (٥١٠ هـ) والبيضاوي (ت ٦٨٥ هـ) والنسفي (٧٠١ هـ) والخازن (ت ٧٤١ هـ) والجلال المحلّي

<<  <   >  >>