للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقول فضيلة الدكتور محمد أبو شهبة: ولا أحد يدرى - كيف يجتمع الوضع حسبة مع عدم التعمد؟ إن معنى الحسبة أن يقصد الواضع وجه الله، وثوابه، وخدمة الشريعة – على حسب زعمه – بالترغيب فى فعل الخير والفضائل، وهم قوم من جهلة الصوفية، والكرامية، جوزوا الوضع فى الترغيب والترهيب، وربما تمسكوا بقوله تعالى: {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ} (١) .

وقوله صلى الله عليه وسلم "من كذب علىَّ ليضل به الناس" (٢) . فكيف يجامع قصد الوضع، عدم التعمد؟!

وتفسير الحسبة بأنها عن غير عمد غير مقبول ولا مسلم.

ثم إن رفع إثم الخطأ أو السهو ليس بهذه الكلمة، وإنما ثبت بأدلة أخرى، وقد تقرر فى الشريعة أنه لا إثم على المخطئ والناسى، ما لم يكن بتقصير منه فذكر الكلمة لا يفيد هؤلاء الرواة شيئاً ما دام هذا أمراً مقرراً.


(١) جزء من الآية ١٤٤ من سورة الأنعام.
(٢) قال الحافظ ابن حجر: الحديث أخرجه البزار من حديث ابن مسعود وقد اختلف فى وصله وإرساله، ورجح الدارقطنى والحاكم إرساله، وأخرجه الدارمى من حديث يعلى بن مرة بسند ضعيف، وعلى تقدير ثبوته فليست اللام فيه للعلة بل للصيرورة كما فسر قوله تعالى "فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ": والمعنى أن مال أمره إلى الإضلال، أو هو من تخصيص بعض أفراد العموم بالذكر فلا مفهوم له كقوله تعالى: "لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً" وقوله تعالى: "وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ" فإن قتل الأولاد، ومضاعفة الربا والإضلال فى هذه الآيات إنما هو لتأكيد الأمر فيها لا اختصاص الحكم أ. هـ. ينظر: فتح البارى ١/٢٤١، ٦/٦٢٦، وفتح المغيث للسخاوى ١/٢٨٨، ٢٨٩، وينظر: الموضوعات لابن الجوزى ١/٩٤ - ٩٨.

<<  <   >  >>