كتاب عدالة الصحابة رضى الله عنهم ودفع الشبهات

المبحث الخامس: سنة الصحابة رضي الله عنهم حجة شرعية - يترجح الإعتماد عليهم فى البيان، من وجهين - ص: 79

فقال مالك فأعجبنى عزم عمر على ذلك" (١) والآثار فى هذا المعنى يكثر إيرادها، وقد استوعب كثيراً منها الإمام ابن قيم الجوزية فى كتابه أعلام الموقعين عن رب العالمين (٢) .

... ويقول الإمام الشاطبى فى موضع آخر من كتابه مبيناً أن بيان الصحابى حجة، قال: "وأما بيان الصحابة، فإن أجمعوا على ما بينوه، فلا إشكال فى صحته أيضاً، كما أجمعوا على الغسل من التقاء الختانين المبين لقوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} (٣) وهذا الإجماع حجة موجبة للعلم،ولا يعتد بخلاف من خالفهم،كما حكاه السرخسى (٤) ،عن أبى حازم القاضى (٥) .

وإن لم يجمعوا عليه فهل يكون بيانهم حجة أم لا؟ هذا فيه نظر وتفصيل.

ولكنهم يترجح الإعتماد عليهم فى البيان، من وجهين:

أحدهما: معرفتهم باللسان العربى، فإنهم عرب فصحاء، لم تتغير ألسنتهم، ولم تنزل عن

رتبتها العليا فصاحتهم، فهم أعرف فى فهم الكتاب والسنة من غيرهم، فإذا جاء

عنهم قول أو عمل واقع موقع البيان صح اعتماده من هذه الجهة.

---

(١) الموافقات ٤/٤٥٢ - ٤٥٥، وينظر: الإعتصام ٢/٥١٩.
(٢) أعلام الموقعين ٤/١١٨ - ١٥٦، وينظر: الرسالة للشافعى ص ٥٩٦ فقرات رقم ١٦٨٢، ١٨٠٥ - ١٨١١.
(٣) جزء من الآية ٦ من سورة المائدة.
(٤) أصول السرخسى ١/٣١٧، وينظر: علم أصول الفقه وتاريخ التشريع الإسلامى للشيخ أحمد إبراهيم ص ٢٤، ٢٥.
(٥) أبو حازم هو: سلمة بن دينار المخزومى، عالم المدينة، وقاضيها، وشيخها، قال فيه ابن سعد: كان ثقة كثير الحديث مات سنة ١٤٠هـ. له ترجمة فى: تقريب التهذيب ١/٣٧٦ رقم ٢٤٩٦، وتذكرة الحفاظ ١/١٣٣ رقم ١١٩، وشذرات الذهب ١/ ٢٠٨.