أبوبكر الصديق - رضي الله عنه -: "فإذا عصيتُ الله ورسولَه فلا طاعة لي عليكم").
ومقابل الخطابة أربعة فنون:
أحدها: البرهان: وهو القياس المؤلَّف من أقوال يقينية، كأن تقول:(تونس مملكةٌ غير مستقلَّة؛ لأنه يقيم في ثَكَناتِها ويقبِض على زمام أمرِها رجالٌ فرنسيون). وإنما كان هذا القياس برهانًا؛ لأنَّ العقل لا يستطيع أن يتصوَّرَ لأمةٍ استقلالاً إلا أن يكون لرجالها الرأيُ النافذ والكلمةُ العليا.
ثانيها: الجدل: وهو القياس المؤلَّف من أقوال مشهورة مُسَلَّمَةٍ بين الناس، أو أقوالٍ يُسَلِّمُهَا المخاطَب ولو لم تكن في نفسها صادقة. ومثال ما كان مؤلَّفًا من أقوالٍ مشهورةٍ مسلَّمة بين الناس، أن تشير إلى قوانين أو محاكم ترفع الأقوياءَ على المستضعفين درجةً أو درجات، وتقول:(هذه القوانين قبيحةُ الوَضْع، أو هذه المحاكمُ قبيحةُ الهيئة؛ لأنها لا تقوم على أساس المساواة بين الناس). وهذا الاستدلال يرجع إلى أقوالٍ عَرَفها الناس وتعاقدوا على صِحَّتها، وهي أنَّ عدم المساواة بين الناس ظلمٌ، وأن قُبْحَ الظلم شديد.
ومثال القياس المؤلَّف من أقوالٍ يسلِّمُها المخاطَب ولم تكن في نفسها صادقةً، أن تُحاور من لا يعرفُ الحقَّ والباطل أو الضَّارَّ والنافع، وإنما يريد الجديد والقديم، فتقول له:(الخمرُ غيرُ لائقةٍ؛ لأنَّ أحدثَ قانونٍ وُضِع لها في البلاد الغَرْبيَّة يمنع من تناولها). وهذا القياس يعتمدُ على قولٍ يسلِّمه مخاطَبك الذي يدور مع الجديد أينما دار، وهو أنَّ كلَّ شيءٍ يوضَع له قانونٌ جديدٌ يَمنع من تناوله، فهو غيرُ لائق. ولو قلت: