قيمة كل عالم بارز في أي فن من فنون العلم تظهر بأمرين أو بأحدهما.
فقد تظهر في حياته إما فيما يتولاه من مناصب يكون لها أثرها الفعال وعاقبتها الحسنة وذكراها الطيبة فيما يتم على يديه من الأمور العديدة التي لها أثرها في نفع المجتمع وفي إبراز هذا الفن حاضرًا ومستقبلًا.
وإما فيما يقوم به من تعليم وإرشاد لأي طبقة من طبقات المجتمع أو لجميع الطبقات، وقد لا تظهر إلا بعد مماته فقط وذلك لمن قل اتصاله بالمجتمع أو اتصل وقل أثره وإنما كان له دور في التأليف في أي فن، تأليف له قيمته العلمية حتى يكون مرجعًا لمن بعده، فبعض العلماء لم تظهر قيمته إلا بعد مماته وهو من اقتصر على التأليف -وإن كان البعض من هذا النوع قد تظهر في حياته- وبعضهم تظهر قيمته في حياته وبعد مماته وهم من جمعوا بين أي عمل له دوره في بروزهم في حياتهم وبين التأليف في أي فن من فنون العلم تأليف يصح الاعتماد عليه.
ومؤلفنا رحمه الله من العلماء الذين جمعوا بين الأمرين، ففي حياته تولى مناصب عديدة لها مساسها بالمجتمع، فتولى القضاء، وتولى الحسبة، وتولى ديوان الزمام، وهذه الأعمال لها مساسها المباشر المستمر بالمجتمع، فكان له قيمته