للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وشَرٌّ منهم: الجهمية الباطنية فهم غلاة الغلاة؛ فإنهم ينفون النقيضين , ينفون الصفات ونقائضها , يقولون: ليس بسميع ولا أصم , ولا بصير ولا أعمى , ولا موجود ولا معدوم , ذكر هذا شيخ الإسلام في مواضع من التدمرية وغيرها (١).

ودون هؤلاء وأولئك: المعتزلة؛ فإن المشهور من مذهبهم أنهم يثبتون الأسماء , لكنهم يجعلونها أسماء محضة , لا تدل على

معانٍ , إنما هي أعلام محضة (٢) , وينفون سائر الصفات , ولا يثبتون هم والجهمية إلا ذاتًا مجردة عن جميع الصفات.

ودون هؤلاء: الأشاعرة والماتريدية؛ فهم أقرب إلى أهل السنة حيث يثبتون بعض الصفات على ما في إثباتهم من انحراف ومن فساد , كما أنهم يثبتون - مثلا - صفة الكلام، لكنه ليس على الوجه المعقول والمشروع (٣).

فكل من نفى شيئًا يسمي من أثبته مشبهًا , فالغلاة يسمون الجهمية مشبهة , والجهمية يسمون المعتزلة مشبهة لإثباتهم الأسماء , والمعتزلة يجعلون الأشاعرة بناءً على مذهبهم مشبهة لأنهم يثبتون بعض الصفات , والجميع يجعلون أهل السنة مشبهة.

وبهذا يتبين أنَّ فِرَقَ التعطيل متناقضون , ومن طريقة شيخ الإسلام - رحمه الله - أن يضرب بعضهم ببعض (٤) , وهذا هو المعنى الذي نقله الشيخ بعباراته لكن مضمونه قد قرره شيخ الإسلام ابن تيمية , فالأشاعرة قد فرقوا بين المتماثلات , حيث أثبتوا بعض الصفات زاعمين أن العقل يدل عليها , ونفوا بعض الصفات زاعمين أن العقل


(١) التدمرية (ص ٨٥).
(٢) التدمرية (ص ٩٢).
(٣) التدمرية (ص ١١٦).
(٤) التدمرية (ص ١١٦).

<<  <   >  >>