للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والمعية في اللغة العربية لا تستلزم مماسة فضلًا أن تستلزم اختلاطًا , فهي في كل مقام بحسبه , إذا قيل: الرجل معه امرأته , أحيانًا سافر بها معه في صحبته , وأحيانًا معه يعني أنه لم يطلقها , معية الاقتران الحكمي , أنها زوجته , يقال: فلان زوجته معه أو طلقها؟ فيقال: زوجته معه , وإن كان هو في المشرق وهي في المغرب , هي معه , وتقول: سافرت مع فلان، فقد تكون أنت في سيارة وهو في سيارة لكن يجمعكما السفر والاتفاق على أنكما مسافران معًا , ولا يلزم من ذلك أن تكونوا في سيارة واحدة وما إلى ذلك , فتقول: سافرنا مع فلان، وإن كان كل واحد في سيارة , لكن معية الاقتران في هذا الوجه وفي هذا السفر , ففيه اتفاق على الصحبة في السفر , فهذه معية خاصة بين المتصاحبين , لكن إذا ذهب كل واحد في طريقه ليس بينهما علاقة لا تقول: (أنا سافرت مع فلان).

والحمد لله رب العالمين ما ذكره الشيخ ونقله فيه الوفاء والغناء، وفيه ما يبرهن على الحق وبطلان ما يزعمه الجهمية ومن سلك سبيلهم , فإن القول بالحلول هذا قول الجهمية خصوصًا قدماءهم - لأنه هو المشهور في أيام الإمام أحمد- والمعتزلة , وبه يقول الأشاعرة , لأن الأشاعرة هم ممن يقول بنفي العلو , والذين ينفون العلو فريق منهم يقول إنه تعالى حالٌّ في كل مكان , سبحانك هذا بهتان عظيم , ومنهم من يقول: إنه لا داخلَ العالم ولا خارجه , وهذا أبعد في الفطر والعقول , ما الشيء الذي لا داخل العالم ولا خارجه إلا المعدوم , فإذا زعموا أن الله موجود وأنه لا داخل العالم ولا خارجه، فقد جمعوا بين النقيضين , فكأنهم قالوا: إنه تعالى موجود معدوم، والحمد لله الذي عافانا من هذه الفهوم الفاسدة والعقول المظلمة.

<<  <   >  >>