وقوله في الحديث:" وأنا الدهر " لا يريد أنه نفسه هو الدهر، وأن الدهر اسم من أسمائه؛ بل يفسره قوله:" بيدي الأمر أقلب الليل والنهار " فالله هو المتصرف في الزمان، هو خالق الليالي والأيام , وهو المتصرف فيها بما شاء، فكذب الذين يقولون:" وما يهلكنا إلا الدهر "[الجاثية: ٢٤]، والله أعلم.
وهنا شبهة للمعتزلة نفاة الصفات يقولون: إن إثبات عِلْمٍ قديم، وسمع قديم، وبصر قديم يستلزم تعدد القدماء، وأخص أوصاف الإِله القِدَم فيلزم من ذلك تعدد القدماء. ويقولون: القديم واحد والإله واحد، فلا يوصف بالقدم المطلق إلا واحد، فإذا أثبتنا عددًا من هذه المعاني فقد أثبتنا قدماء، فيلزم من ذلك تعدد الإله - وهذه شبهة شيطانية - (١).
والجواب عنها - مثل ما قال الشيخ -: إن تعدد الصفات لا يستلزم تعدد الإله، لأن الإله بصفاته واحد. وقولهم هذا باطل في العقل؛ فهل يقال لمن تعددت صفاته من المخلوقات إنه أشياء كثيرة؟! فالإنسان الذي له عدة صفات هل يكون بتلك الصفات أعدادًا كثيرة؟! هو واحد بصفاته وأقل ما يقال من صفات الإنسان: شيء موجود , قائم بنفسه , ممكن , وهو بهذه المعاني شيء واحد؛ فإثبات الصفات وإن كانت قديمة لا يلزم منها تعدد الإله، لأنها تابعة له قائمة به ليست أشياء مستقلة , ولهذا حَرُمَ نداء الصفة , ونص العلماء على أنه لا يجوز أن تقول: يا رحمة الله، يا