٢ - ولأن الله - تعالى - عالم بما يكون لازمًا من كلامه وكلام رسوله فيكون مرادًا.
وأما اللازم من قول أحدٍ سوى قول الله ورسوله، فله ثلاث حالات:
الأولى: أَنْ يُذْكَرَ للقائل ويلتزم به؛ مثل أن يقول مَنْ ينفي الصفات الفعلية لمن يثبتها: يلزم من إثباتك الصفات الفعلية لله - عز وجل - أن يكون من أفعاله ما هو حادث. فيقول المثبت: نعم، وأنا ألتزم بذلك؛ فإن الله - تعالى - لم يزل ولا يزال فعالًا لما يريد، ولا نفاد لأقواله وأفعاله؛ كما قال تعالى:" قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَاداً لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَداً "[الكهف: ١٠٩]. وقال:" وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ "[لقمان: ٢٧]. وحدوث آحاد فعله - تعالى - لا يستلزم نقصًا في حقه.
الحال الثانية: أَنْ يُذْكَرَ له ويَمْنَع التلازم بينه وبين قوله؛ مثل أن يقول النافي للصفات لمن يثبتها: يلزم من إثباتك أن يكون الله - تعالى - مشابهًا للخلق في صفاته. فيقول المثبت: لا يلزم ذلك، لأن صفات الخالق مضافة إليه لم تذكر مطلقة حتى يمكن ما ألزمت به، وعلى هذا فتكون مختصة به لائقة به، كما أنك أيها النافي للصفات تثبت لله - تعالى - ذاتًا وتمنع أن يكون مشابهًا للخلق في ذاته، فأي فرق بين الذات والصفات؟!.
وحكم اللازم في هاتين الحالتين ظاهر.
الحال الثالثة: أن يكون اللازم مسكوتًا عنه، فلا يذكر بالتزام ولا منع؛ فحكمه في هذه الحال ألا ينسب إلى القائل،