عندهم بعد ذهاب نورهم ولا معهم، فليس لهم نصيب من {لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا}[التوبة/ ٤٠] ولا من: {قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ}[الشعراء/ ٦٢].
وتأمل قوله تعالى:{أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ} كيف جعل ضوءها خارجًا عنه منفصلًا، ولو اتصل ضوؤها به ولابسه لم يذهب؛ ولكنه كان ضوء مجاورةٍ لا ملابسة ومخالطة، فكان الضوء عارضًا والظلمة أصلية، فرجع الضوء إلى معدنه، وبقيت الظلمة في معدنها، فرجع [ظ/ق ٧ أ] كل منهما إلى أصله اللائق به، حجةً من الله قائمة، وحكمة بالغة تعرَّف بها إلى أُولي الألباب من عباده.
وتأمل قوله تعالى:{ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ}، ولم يقل: بنارهم ليطابق (١) أول الآية؛ فإن النار فيها إشراق وإحراق، فذهب بما فيها من الإشراق وهو النور، وأبقى عليهم ما فيها من الإحراق، وهو النارية.
وتأمل كيف قال:{بِنُورِهِمْ} ولم يقل: بضوئهم، مع قوله:{فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ}؛ لأن الضوء هو زيادة في النور، فلو قيل: ذهب الله بضوئهم لأوْهَمَ الذهاب بالزيادة فقط دون الأصل، فلمَّا كان النور أصل الضوء كان الذهاب به ذهابًا بالشيء وزيادته.