للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

وقد اشتمل هذان المثلان على حِكَمٍ عظيمة:

منها: أن المستضيء [ظ/ق ١١ أ] بالنار مستضيء بنور من جهة غيره لا من قِبَلِ نفسه، فإذا ذهبت تلك النار بقي في ظلمة، وهكذا المنافق لمَّا أقر بلسانه من غير اعتقادٍ ومحبةٍ بقلبه وتصديق جازم كان ما معه من النور كالمستعار.

ومنها: أن ضياء النار يحتاج في دوامه إلى مادة تحمله، وتلك المادة للضياء بمنزلة غذاء الحيوان؛ فكذلك نور الإيمان يحتاج إلى مادة من العلم النافع والعمل الصالح يقوم (١) به ويدوم بدوامها، فإذا ذهبت مادة الإيمان طفئ، كما تطفأ النار بفراغ مادتها.

ومنها: أن الظلمة نوعان: ظلمة مستمرة لم يتقدمها نور، وظلمة حادثة بعد النور، وهي أشد الظلمتين وأشقُّهما على من كانت حظّه. وظلمة المنافق ظلمة بعد إضاءة، فمُثِّلت حاله بحال المستوقد للنار (٢) الذي حصل في الظلمة بعد الضوء، وأما (٣) الكافر (٤) فهو في الظلمات


(١) كذا في جميع النسخ، ولعل الصواب «تقوم».
(٢) في (أ، ت): «النار».
(٣) في (ظ): «فأما».
(٤) قوله: «الذي حصل في الظلمة بعد الضوء، وأما الكافر» سقط من (ت).

<<  <  ج: ص:  >  >>