للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا التشبيه هو تشبيه لأعمالهم الباطلة بالمطابقة والتصريح، ولعلومهم وعقائدهم الفاسدة باللُّزوم، وكل واحدٍ من السراب والظلمات مَثَل لمجموع علومهم وأعمالهم، فهي سراب لا حاصل لها, [ظ/ق ٦ ب] وظلمات لا نور فيها.

وهذا عكس مَثَل أعمال المؤمن وعلومه التي تلقاها من مشكاة النبوة, فإنها مثل الغيث الذي به حياة البلاد والعباد، ومثل النور الذي به انتفاع أهل الدنيا والآخرة.

ولهذا يذكر سبحانه هذين المَثَلين في القرآن في غير موضع لأوليائه وأعدائه، كما ذكرهما في سورة البقرة في قوله: {مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ (١٧) صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ} [البقرة/١٧، ١٨].

شَبَّه سبحانه أعداءه المنافقين بقومٍ أوقدوا نارًا لتضيء لهم وينتفعوا بها، فلما أضاءت لهم النار فأبصروا في ضوئها ما ينفعهم ويضرهم، وأبصروا الطريق بعد أن كانوا حيارى تائهين، فهم كقوم سفرٍ ضلّوا عن الطريق فأوقدوا النار لتضيء لهم الطريق، فلما أضاءت لهم فأبصروا وعرفوا طفئت تلك النار (١)، وبقوا في الظلمات لا يبصرون، قد سُدَّت عليهم أبواب الهدى الثلاث، فإن الهدى يدخل إلى العبد من ثلاثة أبواب:


(١) في (مط): «الأنوار» والمثبت أصوب.

<<  <  ج: ص:  >  >>