للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا (١) يقارب رؤيتها لشدة الظلمة وهو الأظهر، فإذا كان لا يقارب رؤيتها فكيف يراها.

قال ذو الرمة:

إذا غَيَّر النأيُ المُحبين لم يكد ... رسيسُ الهوى من حُبِّ مَيَّة يبرحُ (٢)

أي لم يقارب البراح، وهو الزوال؛ فكيف يزول.

فشبَّه سبحانه أعمالهم أولًا في فوات نفعها وحصول ضررها عليهم بسراب خدَّاع يخدع رائيه من بعيد، فإذا جاءه وجد عنده عكس ما أمّله ورجاه.

وشبهها ثانيًا في ظلمتها وسوادها، لكونها باطلة خالية عن نور الإيمان، بظلمات متراكمة في لُجَجِ البحر المتلاطم الأمواج الذي قد غشيه السحاب من فوقه، فيا له تشبيهًا ما أبدعه، وأشدَّه [ب/ق ٨ أ] مطابقة بحال (٣) أهل البدع والضلال، وحال مَنْ عَبَدَ الله سبحانه وتعالى على خلاف ما بعث به رسوله - صلى الله عليه وسلم - وأنزل به كتابه!


(١) في (ع): "لم".
(٢) انظر: ديوان ذي الرمة (ص/٤١٤)، بشرح الخطيب التبريزي، وانظر قصته مع ابن شبرمة في تغييره قول: (لم يكد) إلى (لم أجد) (ص/٦٨٢، ٦٨٣).
(٣) في (ع): "لحال".

<<  <  ج: ص:  >  >>