للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وليس معنى استوائه أنه مَلَكَهُ واستولى عليه، لأنه كان مستوليًا عليه قبل ذلك، وهو أحدَثَه، لأنه مالك جميع الخلائق ومستولٍ عليها.

وليس معنى الاستواء أيضًا أنه ماسَّ (١) العرش أو اعتمد عليه أو طابقه؛ فإن كل ذلك ممتنع في صفته جل ذكره، ولكنه مستوٍ بذاته على عرشه بلا كيف، كما أخبر عن نفسه.

وقد أجمع المسلمون على (٢) أن الله هو العلي الأعلى، ونطق بذلك القرآن بقوله تعالى: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [الأعلى/١]، وأن لله علو الغلبة، والعلو الأعلى من سائر وجوه العلو [ب/ق ٥٠ ب]؛ لأن العلو صفة مدح عند كل عاقل، فثبت بذلك أن لله علو الذات وعلو الصفات وعلو القهر والغلبة. وجماهير المسلمين وسائر الملل قد وقع منهم الإجماع على الإشارة إلى الله جل ثناؤه من جهة الفوق في الدعاء والسؤال، فاتفاقهم بأجمعهم على الإشارة إلى الله سبحانه من جهة الفوق= حُجَّة، ولم يستجز أحد الإشارة إليه من جهة الأسفل، ولا من سائر الجهات سوى جهة الفوق، وقال تعالى: {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ} [النحل/٥٠] وقال: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} [فاطر/١٠]، {تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ} [المعارج/٤] وأخبر عن فرعون أنه قال: {يَاهَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ (٣٦)


(١) في (ب): «ما بين» وهو خطأ.
(٢) سقط من (ت).

<<  <  ج: ص:  >  >>