للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بمثاقيل الذَّر، وقدم إلى ما عمل من عمل يرجو نفعه فجعله هباءً منثورًا (١)؛ إذ لم يكن خالصًا لوجهه، ولا على سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وصارت تلك الشبهات الباطلة التي كان يظنها علومًا نافعة كذلك هباءً منثورًا، فصارت أعماله وعلومه حسراتٍ عليه.

والسراب: ما يرى في الفلوات المنبسطة من ضوء الشمس وقت الظهيرة، يسرب على وجه الأرض كأنه ماء يجري.

والقِيعةُ (٢) والقاع هو: المنبسط من الأرض الذي لا جبل فيه ولا وادٍ.

فشَبَّه علوم من لم يأخذ علومه من (٣) الوحي وأعماله بسراب يراه المسافر في شدة الحرِّ، فيؤمُّه فيخيب ظنه [ظ/ق ٥ أ] ويجده نارًا تلظَّى، فهكذا علوم أهل الباطل وأعمالهم إذا حُشِرَ الناس واشتد بهم العطش بدت لهم كالسراب فيحسبونه ماءً، فإذا أتوه وجدوا الله عنده فأخذتهم زبانية العذاب فعتلوهم إلى نار الجحيم، فسقوا ماءً حميمًا فقطع أمعاءهم (٤)، وذلك الماء الذي سقوه هو تلك العلوم التي لا تنفع،


(١) يشير إلى قوله تعالى: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا} [الفرقان/٢٣].
(٢) في (ب): "البقيعة".
(٣) في (ب، ت): "عن".
(٤) يشير إلى قوله تعالى: { ... وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ} [محمد/١٥].

<<  <  ج: ص:  >  >>