للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا استعملت في صورة النفي أثبتت ... وإن أُثبِتت قامت مقام جحود (١)

وقالت فرقة ثالثة منهم أبو عبد الله بن مالك وغيره: إن استعمالها مثبتة يقتضي نفي خبرها كقولك (٢): كاد زيد يقوم. واستعمالها منفية يقتضي نفيه بطريق الأولى، فهي عنده تنفي (٣) الخبر سواء كانت منفية أو مثبتة (٤)، فلم يكد زيد يقوم، أبلغ عنده في النفي مِنْ: لم يَقُم، واحتجَّ بأنها إذا نفيت وهي من أفعال المقاربة فقد نفت مقاربة الفعل وهو أبلغ من نفيه، وإذا استعملت مثبتة فهي تقتضي مقاربة اسمها لخبرها، وذلك يدل على عدم وقوعه. واعتذر عن مثل قوله تعالى: {فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ ... } الآية [البقرة/٧١] وعن مثل قولهم: وصلت إليك وما كدت أصِل. وسَلمت وما كدت [ب/ق ٧ ب] أسلم [ظ/ق ٦ أ]؛ بأن هذا وارد على كلامين متباينين، أي: فعلت كذا بعد أن لم أكن مقاربًا له، فالأول: يقتضي وجود الفعل، والثاني: يقتضي أنه لم يكن مقاربًا له (٥)؛ بل كان آيسًا منه، فهما كلامان مقصود بهما أمران متغايران.


(١) نسبه ابن هشام في "مغني اللبيب" (ص/٨٦٨) لأبي العلاء المعرِّي.
(٢) في (ت، ع): "كذلك".
(٣) في (ب): "نفي".
(٤) في (ت، ظ، ع): "مثبتة أو منفية".
(٥) سقط من (ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>