للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشهادة والحكم

سبق معنا في تفسير قوله - تعالى -: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} (البقرة: من الآية ١٤٣) . أن الرسول، صلى الله عليه وسلم فسّرها بقوله: "عدولا" (١) . وكذلك فسّرها، صلى الله عليه وسلم بالشهادة، حيث ذكر شهادة هذه الأمَّة لنوح، عليه السلام، ثم قرأ، صلى الله عليه وسلم {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} (البقرة: من الآية ١٤٣) . الآية (٢) .

ولا مُنافاة بين التفسيرين، بل أحدهما مكمّل للآخر، لأن الشهادة المعتبرة عند الله ما كانت عدلا.

ومن هذا المنطلق فقد جاءت آيات كثيرة تبيّن وجوب العدل في الشهادة، وكذلك في الحكم - أيضًا - والشهادة هي إحدى مقدّمات الحكم في كثير من الأحكام، بل في كلها إذا اعتبرنا إقرار المرء على نفسه شهادة، وهو كذلك.

وإذا كان العدل يعني الوسط، كما تقرّر، فإن أمر الله بالعدل في الشهادة والحكم هو أمر وإقرار لمنهج الوسطيَّة، ويتّضح ذلك - تفصيلا - من خلال ما سيأتي - إن شاء الله -:


(١) - انظر: تفسير الطبري (٢ / ٧) . والحديث أخرجه الترمذي (٥ / ١٩٠) رقم (٢٩٦١) وأحمد (٣ / ٩) وعندهما «عدلا» بدل «عدولا» .
(٢) - انظر: تفسير قوله تعالى: (وكذلك جعلناكم أمَّة وسطًا) . في أول هذه الرسالة.

<<  <   >  >>