للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما الجفاء

فقال ابن فارس: الجيم والفاء والحرف المعتلّ يدلّ على أصل واحد: نبو الشيء عن الشيء، من ذلك: جفوت الرجل اجفوه، وهو ظاهر الجفوة، أي: الجفاء، وجفا السَّرج عن ظهر الفرس، وأجفيته أنا.

وكذلك كل شيء إذا لم يلزم شيئًا يُقال جفا عنه يجفو.

والجفاء: خلاف البّر، والجفاء: ما نفاه السّيل، ومنه اشتقاق الجفاء (١) .

وقال ابن منظور (٢) جفا الشيء يجفو جفاءً وتجافى: لم يلزم مكانه، كالسَّرج يجفو عن الظّهر، وكالجّنب يجفو عن الفراش، وفي التَّنزيل: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ} (السجدة: من الآية ١٦) وفي الحديث: «أنه كان يجافي عضديه عن جنبيه في السّجود» (٣) أي يباعدهما.

وفي الحديث: «إذا سجدت فتجاف» وهو من الجفاء: البعد عن الشيء، ومنه الحديث: «اقرءوا القرآن ولا تجفوا عنه» (٤) . أي تعاهدوه ولا تبتعدوا عن تلاوته.

قال أبو عبيد في معنى الجفاء في الحديث: والجافي عنه التَّارك له، وللعمل به.

وفي الحديث عن أبي هريرة، قال: قال، صلى الله عليه وسلم «الحياء من الإيمان والإيمان في الجنة، والبذاء من الجفاء، والجفاء في النَّار» (٥) .


(١) - انظر: مقاييس اللغة مادة (جفو) (١ / ٤٦٥) .
(٢) - انظر: لسان العرب مادة (جفا) .
(٣) - أخرجه مسلم (١ / ٣٥٧) رقم (٤٩٧) من حديث ميمونة - رضي الله عنها -. وأخرجه أبو داود (١ / ١٩٤) رقم (٧٣٠) . والنسائي (٢ / ٢١١) رقم (١١٠١) من حديث أبي حميد الساعدي. وأخرجه أحمد (٣ / ٢٩٥) من حديث جابر. وصححه الألباني كما في صحيح الجامع رقم (٤٧٣٨) .
(٤) - أخرجه أحمد في المسند (٣ / ٤٢٨، ٤٤٤) . قال الهيثمي في مجمع الزوائد (٧ / ١٧٠، ١٧١) : رواه أحمد والبزار بنحوه، ورجال أحمد ثقات. وصححه الألباني كما في صحيح الجامع رقم (١١٦٨) .
(٥) - انظر: غريب الحديث (١ / ٤٨٣) ووسطية أهل السنة ص (١٤) وهذا الحديث أخرجه الترمذي (٤ / ٣٢١) رقم (٢٠٠٩) . وقال: حديث حسن صحيح. وابن ماجه (٢ / ١٤٠٠) رقم (٤١٨٤) . وأحمد (٢ / ٥٠١) . وصححه الألباني كما في صحيح الجامع رقم (٣٢٠٠) .

<<  <   >  >>