للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الطبري في معنى الآية: يعني بذلك - جلّ ثناؤه -: يا أيها الذين آمنوا بالله وبرسوله محمد، ليكن من أخلاقكم وصفاتكم القيام لله، شهداء بالعدل في أوليائكم وأعدائكم، ولا تجوروا في أحكامكم وأفعالكم، فتجاوزوا ما حدّدت لكم في أعدائكم لعداوتهم لكم، ولا تقصّروا فيما حدّدت لكم في أحكامي وحدودي في أوليائكم لولايتهم، ولكن انتهوا في جميعهم إلى حدّي، واعملوا فيه بأمري (١) .

وهذا التفسير للآية واضح الدلالة على منهج الوسطيَّة في الشهادة والحكم، ومثل ذلك تفسير ابن كثير، حيث قال في قوله - تعالى -: {وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا} (المائدة: من الآية ٨) . أي: لا يحملنّكم بغض قوم على ترك العدل فيهم، بل استعملوا العدل في كل أحد، صديقًا كان أو عدوًّا، ولهذا قال: {اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} (المائدة: من الآية ٨) (٢) .

وقد جاء قبل هذه الآية قوله - تعالى -: {وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا} (المائدة: من الآية ٢) .


(١) - انظر: تفسير الطبري (٦ / ١٤١) .
(٢) - انظر: تفسير ابن كثير (٢ / ٣٠) .

<<  <   >  >>