للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأختم أقوال العلماء في هذه الآية بما قال عبد الرحمن بن سعدي: فإن الكمال أن يقوم الإنسان بالواجبين، والنقص الكامل أن يتركهما، وأمّا قيامه بأحدهما دون الآخر، فليس في رتبة الأول، وهو دون الأخير (١) - وأيضًا - فإن النفوس مجبولة على عدم الانقياد لمن يُخالف قوله فعله، فاقتداؤهم بالأفعال أبلغ من اقتدائهم بالأقوال المجردة (٢) .

أما آيتا الصف. {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ} {كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ} (الصف:٢،٣) . فإنهما وإن كانتا في قضية خاصة كما ذكر المفسرون، فإن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السّبب، كما هو مقرّر عند الأصوليين. ولذلك فإن دلالتها كدلالة أية البقرة: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ} (البقرة: من الآية ٤٤) الآية.

وقال الطبري في آية هود: {وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ} (هود: من الآية ٨٨) يقول:

وما أريد أن أنهاكم عن أمر، ثم أفعل خلافه، بل لا أفعل إلا بما آمركم به، ولا أنتهي إلا عمّا أنهاكم عنه (٣) .


(١) - أي دونه بالإثم وشناعة وقبح الفعل.
(٢) - انظر: تفسير ابن سعدي (١ / ٨٢) .
(٣) - انظر: تفسير الطبري (١٢ / ١٠٣) .

<<  <   >  >>