للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ابن الجوزي مبينًا معنى الباطل هنا: لا يأكل بعضكم أموال بعض، قال القاضي أبو يعلى:

والباطل على وجهين: أحدهما أن يأخذه بغير طيب نفس من مالكه، كالسرقة، والغضب، والخيانة.

والثاني: أن يأخذه بطيب نفسه، كالقمار والغناء، وثمن الخمر (١) .

وقال القرطبي: والمعنى: لا يأكل بعضكم مال بعض بغير حق، فيدخل في هذا: القمار والخداع والغصوب وجحد الحقوق، وما لا تطيب به نفس مالكه، أو حرمته الشريعة، وإن طابت به نفس مالكه، كمهر البغي، وحُلوان الكاهن، وأثمان الخمور والخنازير وغير ذلك، ثم قال: من أخذ مال غيره لا على وجه إذن الشرع فقد أكله بالباطل، ومن الأكل بالباطل أن يقضي القاضي لك وأنت تعلم أنك مبطل، فالحرام لا يصير حلالا بقضاء القاضي، لأنه إنما يقضي بالظاهر، وهذا إجماع في الأموال (٢) .

ومما سبق يتضح أن هناك منهجًا وسطًا في كسب المال.

فالقول بإباحة جميع المعاملات قول باطل، وهو من التفريط. وكذلك التشديد، وجعل أن الأصل في الاكتساب هو التحريم إلا ما ورد نص في إباحته قول باطل، وهو من الإفراط.


(١) - انظر: زاد المسير (١ / ١٩٤) .
(٢) - انظر: تفسير القرطبي (٢ / ٣٣٨) .

<<  <   >  >>