حرمت العرب في جاهليتها زينة اللباس في الطواف تعبدًا وقربة، وحرم بعضهم أكل بعض الطيبات من الأدهان وغيرها في حال الإحرام بالحج كذلك، وحرّموا من الحرث والأنعام ما بيّنه - تعالى - في سورة الأنعام، وحرّم غيرهم من الوثنيين وأهل الكتاب كثيرًا من الطيبات والزينة كذلك، فجاء دين الفطرة الجامع بين مصالح البشر في معاشهم ومعادهم، المطهر المربي لأرواحهم وأجسادهم، ينكر هذا التحكم والظلم للنفس، فالاستفهام في قوله:{قُلْ مَنْ حَرَّمَ}(الأعراف: من الآية ٣٢) إنكاري، يدل على أن هذا التحريم من وساوس الشيطان، لا مما أوحاه - تعالى - إلى من سبق من المرسلين (١) .
وبهذا يتّضح انحراف هذا المنهج وبعده عن الصّراط المستقيم.
ومثلما جاءت الآيات مبينة حكم الله في هذا الطرف، جاءت كذلك تبين انحراف الطرف المقابل وميله عن الحق، وهم الذين تركوا العنان لأنفسهم تعبث كيفما تشاء، وترتع كالأنعام فيما اشتهت وهوت، دون حسيب أو رقيب أو ضابط.