للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الطبري في قوله - تعالى -: {وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا} (النساء: من الآية ٢٧) يقول: يريد الذين يطلبون لذّات الدنيا وشهوات أنفسهم فيها، أن تميلوا عن أمر الله - تبارك وتعالى - فتجوروا عنه بإتيانكم ما حرّم عليكم، وركوبكم معاصيه ميلا عظيمًا، جورًا وعدولا عنه شديدًا.

ثم قال بعد أن ذكر أقوال العلماء في المراد بالذين يتبعون الشهوات: فأولى المعاني بالآية ما دلّ عليه ظاهرها دون باطنها الذين لا شاهد عليه من أصل أو قياس.

وإذا كان ذلك كذلك كان داخلا في الذين يتّبعون الشهوات: اليهود والنصارى والزّناة، وكل متبع باطلا، لأن كل متبع ما نهاه الله عنه فمتبع شهوة نفسه (١) .

وقال ابن كثير في قوله - تعالى -: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ} (محمد: من الآية ١٢) . قال: أي في دنياهم يتمتعون بها ويأكلون منها كأكل الأنعام خضمًا وقضمًا، وليس لهم همة إلا ذلك، ولذلك ثبت في الصحيح: «المؤمن يأكل في معي واحدٍ، والكافر يأكل في سبعة أمعاء» (٢) .


(١) - انظر: تفسير الطبري (٥ / ٢٨) .
(٢) - انظر: تفسير ابن كثير (٤ / ١٧٥) والحديث أخرجه البخاري (٦ / ٢٠٠) .

<<  <   >  >>