للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأختم أقوال المفسرين بما قاله سيد في تفسير قوله - تعالى -: {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا} (الأحقاف: من الآية ٢٠) قد كانوا يملكون الطيبات إذن، ولكنهم استنفذوها في الحياة الدنيا، فلم يدّخروا للآخرة منها شيئًا، واستمتعوا بها غير حاسبين فيها للآخرة حسابًا.

استمتعوا بها استمتاع الأنعام للحصول على اللذة بالمتاع، غير ناظرين فيها للآخرة، ولا شاكرين لله نعمته، ولا متورعين فيها عن فاحش أو حرام، ومن ثمّ كانت لهم دنيا ولم تكن لهم آخرة (١) .

وهذه الآيات وكلام المفسرين حولها بيّنت أنّ التفريط مذموم، وعاقبته وخيمة، وأنّه مجافاة للطريق السوي، والصراط المستقيم.

وننتهي بعد ذلك إلى نتيجة محدّدة لا لبس فيها ولا غموض، وهي أن تحريم الطيبات وما أحلّ الله لعباده غلو وإفراط، ومثل ذلك - في الذّم - اتباع الشهوات وعدم منع النفس مما تشتهي حلالا كان أو حرامًا، فهذا تفريط. والطريق العدل والمنهج الوسط ما بين ذلك، وهو ما تحدّده وتُبيّنه الآيات التالية:


(١) - انظر: في ظلال القرآن (٦ / ٣٢٦٤) .

<<  <   >  >>