وقال ابن كثير: قال بعض السلف: جمع الله الطب كله في نصف الآية: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا}(الأعراف: من الآية ٣١) وقال البخاري قال ابن عباس: كل ما شئت والبس ما شئت، ما أخطأتك خصلتان: سرف ومخيلة (١) .
ومن الأدلة على الوسطية والاعتدال في مطالب النفس قوله - تعالى -: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ}(البقرة:١٦٨) . فقوله:{كُلُوا}(البقرة: من الآية ١٦٨) إباحة لما قد يتوهّم من التحريم جهلا أو غلوًّا. وقوله:{وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ}(البقرة: من الآية ١٦٨) نهى عن الحرام، والإسراف حرام، فهو منهي عنه.
قال الطبري في الآية: يا أيها الناس كلوا مما أحللت لكم من الأطعمة على لسان رسولي محمد، صلى الله عليه وسلم فطيبته لكم، مما تحرمونه على أنفسكم من البحائر والسوائب والوصائل، وما أشبه ذلك، مما لم أحرّمه عليكم، دون ما حرّمته عليكم من المطاعم والمآكل فنجسته؛ من ميتة ودم ولحم خنزير، وما أُهل به لغيري. ودعوا خطوات الشيطان الذي يوبقكم فيهلككم ويوردكم موارد العطب.
(١) - انظر: تفسير ابن كثير (٢ / ٢١٠) . وصحيح البخاري (٧ / ٣٣) .