وكذلك المؤمنون وسط في شرائع دين الله، فلم يُحرّموا على الله أن ينسخ ما يشاء، ويمحو ما يشاء ويثبت، كما قالته اليهود، كما حكى الله عنهم ذلك بقوله:{سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا}(البقرة: من الآية ١٤٢) وبقوله: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ}(البقرة: من الآية ٩١) .
ولا جوّزوا لأكابر علمائهم وعبّادهم أن يغيّروا دين الله، فيأمروا بما شاءوا وينهوا عمَّا شاءوا، كما يفعله النّصارى، كما ذكر الله ذلك عنهم بقوله:{اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ}(التوبة: من الآية ٣١) .
والمؤمنون قالوا: لله الخلق والأمر، فكما لا يخلق غيره لا يأمر غيره، وقالوا: سمعنا وأطعنا.
إلى أن قال - رحمه الله - وهذا باب يطول وصفه ... (١) .
وممَّا سبق يتَّضح معنى الوسطيَّة في قوله - تعالى -: {أُمَّةً وَسَطًا}(البقرة: من الآية ١٤٣) .
(١) - من أراد مزيد بيان لما ذكره شيخ الإسلام فليرجع إلى كتابه العقيدة الواسطية، وتفسير القاسمي (٢ / ٢٨٧) فقد ذكر كلامه كاملا.