للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٥- وروى الإمام أحمد في مسنده عن عبد الرحمن بن شبل أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم قال: «اقرأوا القرآن ولا تأكلوا به، ولا تستكثروا به، ولا تجفوا عنه، ولا تغلو فيه» (١) .

٦- وروي عنه، صلى الله عليه وسلم أنه قال: «يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله، ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين» (٢) .

وكلّ هذه الأحاديث تدلّ على أن الغلوّ خروج عن المنهح ومجاوزة للحدّ، وفعل ما لم يشرعه الله ولا رسوله، صلى الله عليه وسلم ولست بصدد ذكر الأحاديث التي تنهى عن الغلوّ وتذمّه دون تصريح به، فهي كثيرة جدًّا، ومن أشهرها قصَّة الذين جاءوا وسألوا عن عمل الرسول، صلى الله عليه وسلم في السرّ، فكأنَّهم تقالّوا، فكان من مقولتهم ما هو معروف، وكيف واجه رسول الله، صلى الله عليه وسلم هذا الأمر (٣) .

بل لم أرد حصر جميع الأحاديث التي ورد فيها لفظ الغلوّ مصرحًا به، وإنَّما اخترتُ هذه الأحاديث للدلالة على ما نحن بصدده، وهو تحديد معنى الغلوّ ومفهومه وحكمه، ومن ثمَّ علاقته بالوسطيَّة.

وأختم تعريف الغلوّ بهذين التّعريفين:


(١) - أخرجه أحمد في المسند (٣ / ٤٢٨، ٤٤٤) . قال الهيثمي في مجمع الزوائد (٧ / ١٧٠، ١٧١) : رواه أحمد والبزار بنحوه، ورجال أحمد ثقات. وصححه الألباني كما في صحيح الجامع رقم (١١٦٨) .
(٢) - أخرجه البيهقي في المدخل إلى السنن بسنده عن إبراهيم بن عبد الرحمن العذري، عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم،.. به. قال الألباني في تعليقه على أحاديث المشكاة رقم (٢٤٨) : ثم إن الحديث مرسل؛ لأن إبراهيم بن عبد الرحمن العذري هذا تابعي مقلّ، كما قال الذهبي، وراويه عنه: معاذ بن رفاعة ليس بعمدة. لكن الحديث قد روي موصولا من طريق جماعة من الصحابة، وصحح بعض طرقه الحافظ العلائي- في «بغية الملتمس» .
(٣) - وهو حديث أنس المشهور في قصة الثلاثة، وسيأتي بعد قليل.

<<  <   >  >>