للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يكونون مقبولي الرواية مطلقًا -عند ابن عدي وعند غيره- إذا لم نجد ما يُعارض ذلك!!!

فإن قيل: هذه القاعدة تنسحب على كُلّ من صنّف في الضعفاء إذن!! فَلِمَ خَصَصْتَ ابنَ عدي؟! فأقول: الأمر قريبٌ مما تقول! لكني خصصتُ ابنَ عدي لأمرين:

الأول: أن لكتب الضعفاء منهجين عامَّين، يختلف كل منهج عن الآخر في دلالته على ما نُريده هُنا؛ فمن كُتب الضعفاء ما لا تذكر إلا الذين هم ضعفاء حقًّا عند مصنّفه، ومنها ما تذكر كُلَّ من تُكُلِّمَ فيه ولو كان ثقة عند المصنف. فإذا لم يذكر المصنّفُ على المنهج الأول راويًا من شيوخه في كتابه لا يدل ذلك على أنه لم يُتكلَّم فيه (في عِلْمِ المصنف)، إذ ربّما كان ثقةً عنده ضعيفًا عند غيره، ولذلك لم يذكره في الضعفاء. أمّا إذا كان المصنف سائرًا على المنهج الثاني، ولم يذكر راويًا من شيوخه فيه، فمعنى ذلك أنه مقبول عنده، ويُضَاف إلى ذلك أنه لم يعلم فيه كلامًا أو جرحًا ولو كان مردودًا. وكتاب ابن عدي (الكامل) على المنهج الأخير، كما لا يخفى.

الثاني: أنّ ابن عدي يمتاز على كثيرٍ مِمن صنّف في المتكلَّم فيهم: أنه توسّع غاية التوسُّع في كتابه، ورامَ فيه الاستيعاب، وبذل غايةَ جُهْدِهِ في ذلك؛ حتى ربّما فعل غريبةً أو قال عجيبةً بسبب هذا الغرض!! فلن يُفوّت شيخًا له لو وَجَدَ فيه مغمزًا!!

<<  <   >  >>