فإن قيل: لم لا يعطى الآخر أجهزة أخرى وتترك أجهزة الأول عليه، فنقول: لو أمكن تحصيل المصالح ودفع المفاسد معاً لكان أجود لكن هذا في مسألتنا غير ممكن؛ لأن ذلك في حال ما إذا كانت الأجهزة محدودة ولا تكفي للجميع. يقول العز بن عبد السلام في قواعد الأحكام ص ٨٣:" إذا اجتمعت مصالح ومفاسد فإن أمكن تحصيل المصالح ودرء المفاسد فعلنا ذلك امتثالاُ لأمر الله تعالى فيهما لقوله سبحانه وتعالى (فاتقوا الله ما استطعتم (وإن تعذر الدرء والتحصيل فإن كانت المفسدة أعظم من المصلحة درأنا المفسدة ولا نبالي بفوات المصلحة. وذكر أن الطب كالشرع في جلب المصالح ودرء المفاسد عن الجسد، والتخيير عند التساوي، والتوقف عند الجهل بالمرجح.
القاعدة الثانية ذكرها السيوطي في الأشباه والنظائر ص ٨٣: فقال" القاعدة الرابعة الضرر يزال، أصلها قوله (صلى الله عليه وسلم) : " لاضرر ولا ضرار " وقال ابن نجيم ص٨٥ وفسره في المغرب بأن لا يضر الرجل أخاه ابتداء ولا جزاء " قال السيوطي ص٨٦: " الضرر لا يزال بالضرر. قال ابن السبكي: وهو كعائد يعود على قولهم: الضرر يزال ولكن بلا ضرر. فشأنهما شأن الأخص مع الأعم بل هما سواء؛ لأنه لو أزيل بالضرر لما صدق " الضرر يزال " ومن فروع هذه القاعدة.. لو سقط على جريح فإن استمر قتله وإن انتقل قتل غيره، فقيل: يستمر؛ لأن الضرر لا يزال بالضرر. وقيل: يتخير للاستواء. وقال الإمام: لا حكم في هذه المسألة.