فتتفاعل في نفسه، وتستقطب تداعيات عديدية بحيث تتجمع حولها وتشكل ما يسمى بالمتن الحكائي أي: العناصر الرئيسية التي تبنى عليها القصة، ونضرب لذلك مثلًا قصة "الرغيف" التي اتخذنا منها نموذجًا للقصة القصيرة في هذا المجال، فكاتبها كان قد مر بميدان العتبة الخضراء بالقاهرة فرأى شيخًا عجوزًا يتخبط في دمائه بعد أن داسته عجلات الترام، فانفعل الكاتب بهذا المنظر وتفاعلت في نفسه أصداؤه، وبدأت التداعيات تتوالى فتخيل أن هذا الرجل العجوز من الفقراء المدقعين، وأن له زوجة مقعدة لا تقوى على العمل، وأنهما يسكنان في بيت متواضع، وهكذا بدأت تتوالى عناصر القصة، وتتجمع حول بؤرة شعورية معينة، ومر على هذه التجربة فترة من الزمن تخمرت فيها، وأصبحت مهيأة لأن تخرج إلى حيز الوجود، وأثناء الكتابة تبلورت في صورتها النهائية وفق رؤية الكاتب الذي رأى في مصير هذا الرجل العجوز لونًا من ألوان الاضطهاد الاجتماعي وفقدان التكافل.
٢- وأما القاعدة الثانية التي تنهض عليها القصة هي تطوير التجربة بحيث تحتوي على بؤرة مركزية، هذه البؤرة تولد ضربًا من ضروب الصراع سواء أكان هذا الصراع داخليًا ذاتيًا أم خارجيًا موضوعيًا، ففي القصة السابقة كانت المشكلة الأساسية التي قادت إليها عناصر الموقف هي الفقر والعجز عن العمل، وقد جهد الكاتب في تقليب الموقف على وجوهه المتعددة وصولًا إلى تطوير هذا الموقف، حيث افترض أن هذا الشيخ الذي خرج مع أذان الفجر إلى الصلاة، ثم شق طريقه إلى محطة الأتوبيس مدفوعًا بالحاجة إلى العمل بعد أن استدان خمسة قروش هي أجرة المواصلات، وقد قاده ذلك إلى ركوب الدرجة الثانية وسط الزحام، وهنا اغتنم الكاتب الفرصة فعمد إلى وصف هذا المكان وصفًا يخدم الموقف ويسهم في تطويره، وقد صور الكاتب الصراع الذي عانى منه "العم صابر" بطل القصة من أجل الحصول على عمل، وأدار في وجدانه حوارًا داخليًا أفضى من خلاله إلينا