هي الوحدة البنائية الثانية في عملية الكتابة، وتمثل الخطوة الأولى التي يخطوها المنشئ، وبناء الجملة بناء صحيحًا خاليًا من الخلل والزلل يستوجب عدة أمور -كشروط مبدئية- ينبغي الوعي بها:
أولها: وضوح المضمون المراد التعبير عنه في ذهن الكاتب.
وثانيها: إدراك العلاقة بين مفرداتها بما يخدم هذا المعنى من حيث التقديم والتأخير، فهناك خيارات متعددة أمام الكاتب في ترتيب الكلمات، وهذه ليست مسألة نحوية فحسب، ولكنها تتعلق بطاقة التوصيل، أي ما يريد الكاتب أن يتركه من أثر في نفس المتلقي "القارئ أو السامع فالصحة النحوية قد تتوفر في أشكال متعددة من بناء الجملة وترتيب المفردات فيها، ولكنها ليست الفيصل في قدرة الجملة على تحقيق الأثر المطلوب في المتلقي، فعلى سبيل المثال، نقول: تدفقت المياه غزيرة في مجرى النهر، ونقول: أيضًا: المياه تدفقت في مجرى النهر غزيرة، وما إلى ذلك من صيغ وأشكال تتصف جميعها بالصحة النحوية، ولكنها في كل مرة تترك أثرًا مغايرًا -عن المرة السابقة- في نفس القارئ، لأن الجزء المتقدم من الجملة يكون هو المقصود بلفت الانتباه، وهذه مسألة بلاغية ينبغي الوعي بها.
وثالثها: فهم السياق الذي ترد فيه الجملة سواء كان هذا السياق لغويًّا محضًا أو نفسيًّا وجدانيًّا أو فكريًّا، فالسياق اللغوي حيث تكون الجملة واردة في إطار متن لغوي معين يؤدي إلى تغيير دلالتها أحيانًا فعلى سبيل المثال: إذا جاءت جملة خبرية في سياق كلام ساخر تنتقي دلالتها الإخبارية المألوفة، وتكتسب معنى جديدًا يتناسب مع هذا السياق، فإذا قال قائل: