للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثالثًا: الإلمام بالثقافة العصرية الجادة *

يشهد عصرنا الراهن انفجارًا معرفيًّا فريدًا، فقد تعددت وسائل الثقافة وتكاثرت سبلها من سمعية وبصرية، ويقوم الحاسب الآلي -الآن- بدور تاريخي في إثراء الثقافة الإنسانية، بما يختزنه من معلومات وما يستثمره من طاقات وخبرات؛ كذلك فن الفيديو والتلفزيون يهيئان للإنسان الكثير من المعارف التي لم تكن ميسرة من قبل، ولكن خطورة هذه الأجهزة تكاد تساوي منافعها أو تزيد؛ فالأقمار الصناعية العالمية سوف تتمكن في وقت قريب من غزو بيوتنا بما تحمله من برامج معدة لبيئةٍ غير بِيئَتِنَا، وَتَنْتَمِي إِلَى دِينٍ غَيْرِ دِينِنَا، وَثَقَافَةٍ مُخْتَلِفَةٍ عَنْ ثَقَافَتِنَا، وَمُجْتَمَعَاتٍ فِيهَا انحلال وفساد، ومع هذا فإن الوعي بشخصيتنا الأساسية المتميزة - وقبل ذلك وبعده - بمعتقداتنا الراسخة وفهم واقعنا وإدراك جوهره لسوف يعصمنا من ضلالات المضلين وفساد المفسدين إن شاء الله.

والثقافة في مفهومها العام ليست تحصيل المعلومات واختزانها، وحشو الأدمغة بها؛ وإنما هي تَمَثُّلٌ١ لهذه المعلومات، واستخلاص لما فيها من أوجه النفع، فالثقافة سلوك ورؤية وموقف، من هنا كان المتعلم غير المثقف، فعلاوة على القراءة والاطلاع والتحصيل هناك الخبرة الحياتية التي لا تتأتى إلا لمن عركته الحياة، وسلك فجاجها المختلفة واستفاد من تجاربها، فالرحلة ثقافة لأنها تكسب الإنسان خبرة ومهارة، والكتابة الناضجة المفيدة تحتاج إلى هذه الخبرة، بل إن التجربة مادتها الرئيسية لأن بها تشكل الرؤية ومن خلالها يتخذ الموقف.

وللثقافة العامة رَوَافِدُ مُخْتَلِفَةً - كما سبق أن أشرنا- وهي تحتاج إلى بصر بالموضوعات النافعة والكتب المفيدة، وتتطلب حاسة انتقائية مرهفة، وعصرنا الذي نعيش فيه يكتظ بالإصدارات المتعددة من صحف ومجلات وكتب


* الثقافة من ثقف "ككرم" ثقفًا وثقافة صار حاذقًا خفيفًا فطنًا فهو ثقف وثقف وثقيف، وثقف، وثقيف
١ التمثل: نشاط عقلي يتجه إلى إدماج موضوع معين أو موقف معين في مخطط نفس أشمل تعريف بباجيه الفرنسي "ص٩٩- قراءة التراث النقدي -عصفور".

<<  <   >  >>