إن جوهر العمل الأدبي يتمثل في تماسك أجزائه وترابطها بحيث يكون قائمًا على وحدة عضوية فنية، وهذه الوحدة هي مناط الإبداع والجودة، ولهذا لا يمكن الاعتداد بالنص المفكك غير المترابط، ووسائل تحقيق الوحدة تختلف باختلاف النوع الأدبي، وسواء كان العمل إبداعيًّا أو إجرائيًّا وظيفيًّا فإن الترابط شرط أساسي فيه.
والوحدة الفنية تقوم على التنامي والتطور، ولا تبني على التراكم والتكاثر وهي ذات صلة بروح النص الداخلية، وتتجاوز الشكل الخارجي، فالعمل الذي نحس بأن فيه معنى داخليًا متناميًا ندرك للوهلة الأولى مكامن الوحدة والتماسك بين أجزائه.
كيف تتحقق الوحدة الفنية:
أولًا: إذا كان العمل إبداعيًّا فإن التجربة النفسية والوجدانية تحدد مسار التطور والتنامي في النص إن كان الكاتب موهوبًا متمثلًا لتجربته، فكاتب القصة مثلًا لابد أن يدرك العلاقة الوطيدة بين الحدث والشخصية والموقف فيصوغ الحبكة من هذه الخيوط الثلاثة المجدولة بإحكام، والحبكة هي المحور الذي يستقطب العناصر المختلفة للنص، فإذا كان الكاتب متمثلًا للتجربة صادقًا في التعبير عنها مؤهلًا لكتابة القصة عارفًا بأصولها جاءت قصته متماسكة قادرة على الإفضاء بانطباع كلي موحد، وكذلك الحال بالنسبة للمقالة التي تتنامى فيها الفكرة منذ المقدمة وحتى الخاتمة في تلسلسل منطقي محكم.