للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقيل لكُثيّرِ عزة الشاعر العذري الأموي: كيف تصنع إذا عسر عليك الشعر؟

قال: أطوف في الرباع المحيلة: والرياض المعشبة، فيسهل علي أرضه ويسرع إلي أحسنه.

وقال الأصمعي الراوية العالم الأديب ما استدعي شارد بمثل الجاري والشرف وقال ابن قتيبة العالم الأديب: وللشعر أوقات يسرع فيها أتيه، ويسمح فيها أبيُّه والمقصود يأتيه ما ينثال على الخاطر والوجدان منه، والأبي المستعصي، منها أول الليل قبل تغشي الكرى قبل النوم ومنها صدر النهار قبل الغداء، ومنها الخلوة في الحبس١.

ويشير أبي تمام في بيت مشهور له إلى أنسب أوقات الكتابة فيقول:

خذها ابنة الفكر المهذَّب في الدجى ... والليل أسود رقعة الجلباب

ويعقب على ذلك بعض الباحثين فيقول: فإنه خص تهذيب الفكر بالدجى ليكون الليل تهدأ فيه الصوات وتسكن فيه الحركات، فيكون الفكر فيه مجتمعًا ومرآة التهذيب فيه صقيلة، لخلو الخاطر وصفاء القريحة، لاسيما وسط الليل.

ومن نصائح أبي تمام للبحتري ما روى عنه البحتري حيث قال: كنت في حداثتي أروم الشعر، وكنت أرجع منه إلى طبع سليم، ولم أكن وقفت له على تسهيل مأخذ، ووجوه اقتضاب حتى قصدت أبا تمام، وانقطعت إليه، واتكلت في تعريفه عليه، فكان أول ما قال: "يا أبا عبيدة تخير الأوقات وأنت قليل الهموم، صفر من الغموم"٢.


١ راجع فيما يتعلق بهذه الأقوال: تقي الدين علي بن حجة الحموي، خزانة الأدب وغاية الأرب، شرح عصام شعيتو، دار ومكتبة الهلال، بيروت ١٩٨٧م.
٢ المرجع السابق.

<<  <   >  >>