للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يعرِّف ابن خلدون الأسلوب بأنه "صورة ذهنية للتراكيب المنتظمة كلية باعتبار انطباقها على تركيب خاص، تلك الصورة ينتزعها الذهن من أعيان التراكيب وأشخاصها ويصيرها في الخيال كالقالب أو المنوال، ثم ينتقي التراكيب الصحيحة عند العرب باعتبار الإعراب والبيان، فيرصها فيه رصًّا كما يفعل في القالب أو النساج في المنوال".

أما حازم القرطاجني -وهو من أبرز البلاغيين والنقاد العرب القدامى- فيرى أن الأسلوب هيئة تحصل عن التأليفات المعنوية، والنظم هيئة تحصل عن التأليفات اللفظية.

ويرى سيد قطب -رحمه الله- أن الصورة اللفظية الموحية المثيرة للانفعال الوجداني في نفوس الآخرين هي قوام العمل الأدبي، ويعني بالصورة اللفظية الأسلوب الذي يميز العمل الأدبي ويتحدث عما يسميه القيم الشعورية والقيم التعبيرية، وهو ما يقابل التأليفات المعنوية والتأليفات اللفظية عند القرطاجني١.

ولعل من المفيد أن نتتبع الجذر اللغوي لمعنى الأسلوب، حيث يقول ابن منظور في "لسان العرب": يقال للسطر من التخيل، وكل طريق ممتد فهو أسلوب، فالأسلوب الطريق والوجه والمذهب، يقال أنتم في أسلوب سوء ... والأسلوب الطريق تأخذ منه، والأسلوب الفنن يقال أخذ فلان في أساليب من القول، أي في أفانين منه٢.

أما في اللغات الأوروبية فقد اشتقت كلمة أسلوب من الأصل اللاتيني "Stillus" وهويعني "ريشة" ثم انتقل عن طريق المجاز إلى مدلولات تتعلق بالكتابة فدل على المخطوطات، ثم أصبح يشير إلى صفات اللغة المستعملة من


١ سيد قطب: النقد الأدبي- أصوله ومناهجه، دار الشروق، القاهرة، ٥. ت ص٧ ثم ص ١٩ وما بعدها.
٢ لسان العرب لابن منظور. مرجع سابق.

<<  <   >  >>