للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الربط بين الجمل بالحروف

الفصل والوصل

الجمل من حيث الموقع الإعرابي نوعان: الأول له محل من الإعراب ولذلك تجري عليه أحكام اللفظة المفردة من حيث العطف فإن جاءت نعتًا أو توكيدًا، أو بدلًا كان الاتصال بينها وبين متبوعها داخليًّا دون أداة عطف، فالتوكيد هو عين المؤكد، وكذلك الصفة هي عين الموصوف فلا داعي للعطف بينهما، فالواو- كما أسلفنا- لا تقع إلا بين المتغايرين وحينما نقول - مثلًا- أَحَبَّ قَيْسٌ لَيْلَى حُبًّا شَدِيًا، لم يجد مع النصح ولا التأنيب تكون الجملة الثانية توكيدًا للأولى، لذا لا وجود لرابط بينهما كالواو على غرار قولنا: جاء محمد نفسه. أما النوع الثاني فهو ما لا محل له من الإعراب، وجمله تخضع في ربطها لأصول وقواعد قررها البلاغيون وعلى رأسهم عبد القاهر الجرجاني.

وقد شبه المعاني بالأشخاص، فالواو في المعاني كالوسيط في الرجال فإذا قوت الصلة بين الرجلين لم يحتاجا إلى من يربط بينهما، وإذا اختلفا وتنافرا تنافرًا يبعد الثقة بحيث يصبح الجمع بينهما مستحيلًا أصبح وجود الوسيط بلا طائل، فالوسيط لا يكون إلا في الحالات غير الميؤوس منها حيث يمكن أن يكون وجود الوسيط مجديًا، وهذا-كما يقول أحد الباحثين المحدثين: "واضح في أحوال الناس، وهو كذلك في كلامهم، لأن الكلام في حقيقته تشكيل للسلوك والأمزجة، والعادات والطبائع، وإذا ذهبت تبحث في المشابهات بين تقاليد اللسان، وتقاليد السلوك وجدت متشابهات كثيرة١".


د/ محمد أبو موسى: دلالات التراكيب مرجع سابق ص٣١٢.

<<  <   >  >>