٢ أما ما رُوي من قول عمرو بن ميمون: ما زلت ألطف أنا وعمر بن عبد العزيز في أمر الأمة حتى قلت له: يا أمير المؤمنين، ما شأن هذه الطوامير التي يكتب فيها بالقلم الجليل يمد فيها وهي من بيت مال المسلمين؛ فكتب في الآفاق أن لا يكتبن في طومار بقلم جليل ولا يمدن فيه. قال: فكانت كتبه إنما هي شبر أو نحوه "ابن سعد ٥: ٢٩٥-٢٩٦"؛ وما رُوي أيضًا من أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى أبي بكر بن حزم: أما بعد، فكتبت تذكر أن القراطيس التي قبلك قد نفدت وقد قطعنا لك دون ما كان يقطع لمن كان قبلك، فأدق قلمك وقارب بين أسطرك واجمع حوائجك؛ فإني أكره أن أخرج من أموال المسلمين ما لا ينتفعون به. "المصدر السابق"، فهذان النصان لا ينقضان ما قدمنا، ولا يعنيان أن الصحف آنذاك كانت قليلة نادرة غالية الثمن، كما ذهب الأستاذ جب في مقالته عن "بدء التأليف النثري" ص٦. فنص هاتين الروايتين واضح في أن ذلك أنما هو "لطف في أمر الأمة" وكره لأن "يخرج من أموال المسلمين ما لا ينتفعون به". فمرده إذن إلى القصد والاعتدال والتوفير وعدم الإسراف والتبذير.