[الفصل الرابع: النحل والوضع في الشعر الجاهلي-آراء العرب والمحدثين]
[آراء العرب والمحدثين]
...
الفصل الرابع: النحل والوضع في الشعر الجاهلي آراء العرب المحدثين
-١-
أما أول من شق طريق البحث في هذا الموضوع من العرب المحدثين فهو الأستاذ مصطفى صادق الرافعي في كتابه "تاريخ آداب العرب" الذي صدر في سنة ١٩١١م. وقد خص الرواية والرواة بباب كامل من الجزء الأول نيفت صفحاته على مائة وخمسين١، حشد فيه من المادة ما لم يجتمع مثله -من قبله ولا من بعده حتى يومنا هذا- في صعيد واحد من كتاب. لَمَّ فيه شتات الموضوع من أطرافه كلها، واستقصاه استقصاء، غير أنه في كل ذلك كان يحكي ما أورده المؤلفون القدماء: يجمع ما تفرق من هذا الحديث في الكتب الكثيرة أو في مواطن شتى من الكتاب الواحد، ثم يرتب ما تجمع له في فصول ينتظم كل فصل منها عنوان يدل عليه. ولكنه، على هذا الجهد العظيم الذي تكلفه، اكتفى، في أكثر حديثه، بالسرد المجرد والحكاية عمن مضى. ولم يتجاوز ذلك إلى البحث في هذه الأخبار والروايات بحثًا علميًّا ولا إلى نقدها نقدًا يميز زائفها من صحيحها إلا في القليل النادر، وحتى في هذا القليل النادر كان يتعجل المضي، فلا يكاد يقف عند خبر أو رواية حتى يدعها وينتقل إلى غيرها. ومع ذلك فللرافعي فضل السبق وفضل الاستقصاء في الجمع. وسنقف عند حديثه
١ تاريخ آداب العرب - الطبعة الثانية سنة ١٩٤٠ من ص٢٧٧ إلى ص٤٣٤.