للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الفصل الرابع: الشعر الجاهلي في غير الدواوين]

١

في الكتب العربية، على اختلاف موضوعاتها وفنونها، شعر كثير، بعضه جاهلي.. ولو قصرنا حديثنا على ما ألف منها في القرنين الثاني والثالث واستخرجنا ما تفرق في صفحاتها من شعر جاهلي وحده، ثم جمعناه معًا، لجاء كثيرًا غزيرًا بحيث يملأ أسفارًا عدة، ومن هنا كانت هذه الكتب جديرة بأن نقف عندها وقفة قصيرة، نختم بها حديثنا عن مصادر الشعر الجاهلي. وإذ كنا نرى أن هذه الكتب ليست مصدرًا أوليًّا من مصادر الشعر الجاهلي -على ما سنبينه بعد قليل- فلم نر ما يدعونا إلى الإحاطة بها كلها والاستقصاء في بحثها، وإنما بحسبنا نماذج قليلة ندل بها على طريقة هذه الكتب في إيراد الشعر الجاهلي، ونخلص منها إلى ما نريد من نتائج تتصل بموضوعنا الأصيل.

وقد اخترنا من كتب النحو كتاب سيبويه، ومن كتب اللغة كتابي يعقوب بن السكيت: "إصلاح المنطق" و"تهذيب الألفاظ".

أما كتاب سيبويه فقد كان أول ما استوقفنا فيه ما ذكره أبو عمر الجرمي من قوله١: "نظرت في كتاب سيبويه فإذا فيه ألف وخمسون بيتًا، فأما الألف فعرفت أسماء قائليها، وأما الخمسون فلم أعرف قائليها". ثم جاء عبد القادر البغدادي فأورد قول الجرمي هذا وذكر ما يوضحه قال٢: "فإن سيبويه إذا


١ طبقات النحويين واللغويين: ٧٧.
٢ الخزانة ١: ٣٣٣-٣٣٤.

<<  <   >  >>