للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقد كان بعض الصحابة يعنون كذلك بتدوين هذا الشعر. وقد مر بنا أن طلحة رضي الله عنه أنشد قصيدة فما زال شانقًا ناقته حتى كتبت له١. فهو إذن يدون بعض الشعر ويجمعه ويحفظه.

ومما يتصل بهذا أيضًا أن دغفلًا النسابة -وهو جاهلي أدرك الإسلام- كان يكتب الأنساب ويدونها في الصحف ويبدو لنا ذلك واضحًا من قول الفرزدق٢:

أوصى عشية حين فارق رهطه ... عند الشهادة في الصحيفة دغفل

أن ابن ضبة كان خير والدًا ... وأتم في حسب الكرام وأفضل

وفي هذه القصيدة نفسها يعدد الفرزدق الشعراء الجاهليين، ويفخر أنه قد ورث عنهم الشاعرية المتدفقة الفحلة، ولكن في ألفاظه ما قد يُفهم منه أنه كانت بين يديه مجموعات شعرية لشعراء جاهليين أو نسخ من دواوينهم، وذلك قوله:

والجعفري وكان بشر قبله ... لي من قصائده الكتاب المجمل

وبعد أبيات يقول:

دفعوا إلى كتابهن وصية ... فورثتهن كأنهن الجندل

ونحب هنا أن نذكر بما كتبناه في حديثنا عن تقييد الشعر الجاهلي من أمر هذه القصائد التي كان يكتبها: النابغة الذبياني، وعدي بن زيد العبادي،


١ الزمخشري، الفائق ١: ٦٧٧.
٢ النقائض ١: ١٨٩.

<<  <   >  >>