للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد أشرنا في حديث سابق إشارة عابرة إلى بيتي معقل بن خويلد الهذلي -وهو شاعر جاهلي أدرك الإسلام- وهما١:

فإني كما قال مملي الكتا ... ب في الرق إذ خطه الكاتب:

"يرى الشاهد الحاضر المطمئن ... من الأمر مالا يرى الغائب".

وقد وضعنا علامات الترقيم هذه لتدل على المعنى الذي قصدنا إليه من أن هذا الشاعر قد قرأ بيته الثاني -بهذه الألفاظ أو بألفاظ مقاربة تؤدي هذا المعنى- في كتاب من كتب الشعر أو الأخبار الجاهلية، ثم اقتبسه وضمنه قصيدته هذه.

وليس الأمر مجرد استنتاج، فلهذين البيتين أخ ثالث قاله شاعر آخر وهو أوضح في دلالته وأبين في حجته لنا من هذين البيتين، وذلك قول بشر بن أبي خازم، وهو شاعر جاهلي لم يدرك الإسلام٢:

وجدنا في كتاب بني تميم: ... "أحق الخيل بالركض المعار"

فبشر يذكر، في وضوح، أنه وجد في كتاب بني تميم أن: أحق الخيل بالركض


١ ديوان الهذليين ٣: ٧٠.
٢ المفضليات: ٩٨ وينسب البيت أيضًا الطرماح كما في اللسان. وليس البيت في ديوان الطرماح، وإنما هو من الأبيات التي جمعت وأضيفت إلى آخر الديوان، وهو هناك بيت مفرد منقول من اللسان.
وذكر كرنكو "وهو محقق الديوان" ص١٤٨ بعد البيت أنه "قد ورد هذا البيت في قصيدة لبشر بن أبي خازم الأسدي، وقال أبو عبيدة إنه الطرماح".
وقد أورده الفيروزبادي في قاموسه المحيط "عير"، وقال إنه "قول بشر بن أبي خازم، لا الطرماح، وغلط الجوهري".
ومما يقوي نسبته لبشر أن في كتب اللغة والأدب أبياتًا متفرقة من هذا البحر والروي منسوبة لبشر بحيث يصح أن تكون في أصلها قصيدة واحدة منها هذا البيت.
ومهما يكن، فإن البيت حتى إذا لم تثبت نسبته لبشر، وكان حقًّا للطرماح، فإن دلالته ما زالت قائمة؛ لأن الطرماح مات في نحو سنة ١٠٥، فيضم هذا البيت إلى الشواهد والأدلة التي تثبت وجود كتب القبائل ودواوين الأفراد منذ القرن الأول الهجري.

<<  <   >  >>